الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد: فإن الدعـاء عبادة من أجّـل العبادات وقربة من أعظم القربات.
بل إنه هو العبادة وهو مخها وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قـال (الدعــاء هو العبادة) كما عند أصحاب السنن الأربع.
وهذا اللفظ هو أصح من لفظ " الدعـاء مخ العبادة " فانه لا يصح بهذا اللفظ...
ومما يدل على عظمة هذه العبادة أن كل العبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة قد اشتملت على هــذه العبادة العظيمة بل وتأمل أن الدعـاء يطلب في هـذه العبادات في أعظم أوقاتها ففي الصلاة تجده في السجود آكــد من غيره وفي الحج تجده في عرفه قد امر به من اول الوقت الي اخره.. والحج عــــرفه وهكذا...
"الدعاء عبادة يستدعي به العبد من الله العناية، ويستمد المعونة، ويستجلب الرحمة،ويستدفع النقمة، ويُظهر به الإفتقار والذلة البشرية، متبرئًا من الحول والقوة إلا بـه.
وإذا التفت إلى فاتحة كتاب الله – تعالى – وخاتمته بَذ لَكَ من أسرار التنزيل عجبًا؛ فإن الله سبحانه وتعالى إفتتح كتابه الكريم بالدّعــاء في " سورة الفاتحة ": (دعــاء ثناء):
{الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين}: (ودعــاء مسألة): {إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم}.
ثم التفت إلى علوا منزلة الدعـــاء، وسُمّوُ مرتبته في السنة المطهرة، فقد ثبت من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس شيء أكرم على الله من الدعـــاء " رواه الترمذي، وابن ماجـه وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي – رحم الله الجميع –.
وما هذه المرتبة السامية، والمنزلة العالية – والله أعلم – إلا لأنه يجتمع فيه من أنواع التعبد ما لا يجتمع في غيره، فيستدعي حضور القلب وعبادة الله بالتوجــه، والقصد، والرجـاء، والتوكل، والرغبة فيما عنده، والرهبة من عذابـــه"(1).
آداب الدعــــــــــــاء (2):
1ـ أن يبدأ بحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويختم بذلك.
2ـ الدعـاء في الرخاء والشدّة.
3ـ يخفض صوته في الدعــاء
4ـ أن يتضرع إلى الله في دعـــــــائه.
5ـ أن يلح على ربه في الدعـاء.
6ـ يتوسل إلى ربه – تعالى – بأنواع الوسائل المشروعة.
7ـ الإعتراف بالذنب والنعمة حال الدعـاء.
8ـ عـدم تكلف السّجع في الدعـاء.
9ـ الدعـاء ثلاثًا.
10ـ إستقبال القبلة.
11- رفع اليدين بالدعـاء.
12- الوضوء قبل الدعـاء إن تيسّر.
13- البكاء في الدعـاء من خشية الله.
14- إظهار الأفتقار إلى الله والشكوى إليه.
15- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعـا لغيره.
16- أن لا يعتدي في الدعـاء التوبة وردّ المظالم يدعوا لوالديه وللمؤمنين مع نفسه.
17- حضور القلب.
18- استحباب الإتيان بجوامع الدّعـاء.
19- ختم الدّعــــــاء بما يناسب طلب الدّاعـي.
20- تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الدعــــاء: كالصلاة والزكاة والصدقة.
أخطــاء الناس في الدعـــاء:
1- ترك الحمد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- إستعجال الإجابة.
3- مسح الوجــه باليدين بعد الدعــاء.
4- قرن الدعــاء بالمشيئة كقول البعض " الله يعطيك كــذا إن شاء الله " فهذا لا يجوز كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين.
5- الدعــاء مع الغفلة وكثرة الذنب وأكل الحرام فهذه كلها موانع الدعـاء.
6- الأعتداء في الدعـاء ومن أمثلته التفصيل الزائد سواءً بدعــاء الإنسان لنفسه أو لغيره أو على أعـداء الإسلام فهذا أمر قد نهي عنه قال تعالى {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين}.
ومن صور الإعتداء تحديده بعدد معين كقول بعضهم "الله يجزاك ألف خير " وعند أحمد وأبي داوود عن عائشة (أنه صلى الله عليه وسلم كان يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك).
7- الاستهانة بالدعاء بل وربما يستهزئ بعض من في قلبه مرض بدعاء المؤمنين على أعــدائهم وإن الله في" نظره " لم يستجب لهم.
8- ليس من لازم الدعاء الإستجابه بل إذا دعى الإنسان فله إحدى ثلاث:
1) أن يستجاب له. 2) أن يرد عنه من الشر بمقدار دعــائه. 3) أن يدخــرله ذلك يوم القيامة.
ولهذا فعلى المؤمن أن لا يستعجل الإجابة وليتأمل في أحوال الأنبياء ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت على رعل وذكوان شهرًا...
ففيه من الفقه أن لا يستبطئ الواحد منا الإجابة وأخيرًا لعلم أن الدعاء عبادة يتعبد العبد بها ربه ويؤجر عليها وإنها مما يقدمه المسلم لأخوانه المسلمين وأكرم به فلا يبخل عليهم فهو المنتفع من ذلك.
ولكن يجب علينا جميعًا أن نحذر من موانع الدعاء وهي كثيرة جدًا ومن أهمها الذنوب بأنواعها فكيف يستجيب الله لنا ونحن غرقى بالمنكرات!!
ــــــــ
(1) انظر كتاب تصحيح الدعاء للشيخ بكرابوزيد0
(2) انظر كتاب من عجائب الدعاء ص 12 ـ15
الكاتب: الشيخ عبد الله بن راضي المعيدي
المصدر: موقع الشبكة الإسلامية